إسقاط النظام .. مرة أخرى
بقلم: حسام كمال الدين
4/28/2011
ارتفع خلال أيام ثورة يناير العديد من الشعارات التي نادت بالتغيير والحرية ومحاربة الفساد الذي استشرى في المجتمع والعدالة الاجتماعية إلى آخر المطالب ، وأعادت إلينا بعض الكلمات التي حسبنا أنها صارت من التراث اللغوي ،
أو أنها غدت حبيسة كتب التاريخ واللغة ، ولكنها خرجت من جديد من رحم الثورة مثل التغيير ، التطهير ، الثورة ، محاربة الفساد ، إلا أن أكثر هذه الشعارات تردادا على ألسنة الثوار كان شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " ، الذي يتكون من جملة قصيرة في عدد كلماتها ومبناها إلا أنها لخصت الكثير من المطالب ، وحملت الكثير من المعاني في لغة عبرت عن عروبة الشعب المصري وتمسكه بلغته التي وجدها طيعة للتعبير عن آلامه وآماله .
وبالفعل تم للشعب ما أراد ، وبدأت البلاد تعود رويدا رويدا إلى حالة الاستقرار بعد زوال النظام البائد ، وبدء محاكمات رموزه الفاسدة ، وإجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية توطئة للانتخابات البرلمانية والرئاسية ، كما بدأ الأمن يعود إلى الشارع المصري من جديد وإن كان يتسم بالبطء الشديد حتى الآن مع إهمال المناطق النائية حيث مرتع البلطجية ، وقيام الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات التي تساعد على استعادة الاقتصاد المصري عافيته لينطلق من جديد على المستوى الداخلي ، والزيارات التي تقوم بها الحكومة للدول العربية والإفريقية من أجل جذب الاستثمارات وزيادة التعاون والتبادل التجاري وإعادة مصر إلى دورها العربي والإقليمي على المستوى الخارجي .
وفي إطار الإصلاح الذي ننشده جميعا لهذا البلد فإننا ينبغي أن نرفع هذا الشعار " الشعب يريد إسقاط النظام " مرة أخرى ، لكننا في هذه المرة لا نقصد بالنظام نظام الحكم السياسي ، وإنما نعني به النظام الذي تدار به كافة شئوننا، وهو القواعد واللوائح والقوانين التي تحكم العمل الإداري في كل مؤسسسات الدولة ، تلك التي أفرزت جهازا إداريا مترهلا سماته الأساسية البيروقراطية المعطلة والمجهضة لكل تقدم ، فالجهاز الإداري للدولة المصرية يشمل 6 ملايين موظف وهو عدد ضخم جدا ، وبالبرغم من ذلك هناك قصور شديد في أداء هذا الجهاز من ناحية تقديم الخدمات خاصة ما يتعلق منها بالجماهير ، هذا القصور مرده إلى سوء الإدارة وغياب التخطيط العلمي السليم والتنسيق فيما بين المؤسسات المختلفة ، حيث تعمل كل جهة منفردة بلوائحها الخاصة ، فأصبحت المؤسسات والوزارات أشبه بالجزر المنعزلة كل منها في وادٍ لا تربطه علاقة بغيره مما يؤدي بالمواطن أو طالب الخدمة إلى الدوران في دائرة لا نهاية لها عند التعامل مع أي جهة حكومية ، ويصبح فريسة وضحية لموظفين لا يؤدون حتى أبسط الأعمال المنوطة بهم ، ناهيك عن عدم تحمل المسئولية أو الأداء الابتكاري في العمل ، وقد ساعدت الحكومات السابقة المتعاقبة التي كانت تدعي أنها حكومات ذكية وتدير العمل من خلال ما يسمى بالقرية الذكية على هذا التخبط الإداري وعدم الاستفادة الحقة من هذا العدد الضخم من الموظفين لاعتمادها على أهل الثقة والمحسوبية ووضعهم على رأس الإدارات وإغفالها معايير الخبرة والكفاءة والفروق الفردية ووضع الشخص المناسب في مكانه المناسب ، كذلك إهدارها ملايين الجنيهات على تزويد الجهات الحكومية بأجهزة الحاسب الآلي دون وجود الأشخاص الأكفاء القادرين على استخدامها لإهمال عنصر التدريب، أضف إلى ما سبق غياب الخطط الموضوعة للاستفادة من استخدامات الحاسب الآلي في اختصار الوقت والجهد في أداء الأعمال والخدمات المقدمة ، فكانت المحصلة أن أصبحت تلك الأجهزة قطعا ديكورية تزدان بها مكاتب الموظفين من باب الوجاهة الاجتماعية .
لذا فإن إسقاط هذا النظام الإداري العقيم في كل قطاعات الدولة أصبح أمرا ملحا وضروريا لا يقل في أهميته عن إسقاط النظام السياسي ، لأن النظام الإداري السليم هو الأساس الذي تقوم عليه عملية التطوير والتنمية في عصر تكنولوجيا المعلومات ، حيث ما زالت الإدارات الحكومية في مصرنا وقد ولجنا إلى الألفية الثالثة تعتمد على العمل الورقي والتسجيل الدفتري الذي يستهلك جهدا ووقتا مضاعفين ، بالإضافة إلى العراقيل الكثيرة التي يضعها الموظفون أمام طالبي الخدمة إما لعدم دراية بشئون العمل المكلفين به لنقص التدريب ، وإما بسبب تفشي الفساد والرشوة بين بعضهم ، والإصلاح نرى أنه يمكن أن يبدأ من خلال مشروع الرقم القومي ، وهو مشروع هام لكن لم تتم الاستفادة المثلى منه حتى الآن ، حيث يمكن أن يكون القاعدة لإرساء نظام إداري شامل من خلال ربط جميع مؤسسات الدولة بقاعدة بيانات تشمل جميع المواطنين ، ويتم عن طريقها تقديم كافة الخدمات لطالبيها على أن تحتوي هذه القاعدة كل البيانات المتعلقة بالشخص منذ لحظة ميلاده حتى وفاته بما فيها بياناته الشخصية والعائلية والصحة والتعليم والعمل والجوازات والتموين والمرور والإسكان .. إلخ ، بحيث لا يحتاج في كل مرة يذهب لطلب خدمة إلى حمل الكثير من الأوراق والمستندات ، مما يوفر الجهد ويمنع التلاعب والتزوير ، مع الوضع في الاعتبار توفير السرية والحماية من التدخل الضار من قبل القائمين على العمل ، ونفس الحال يمكن تطبيقه على الأراضي والعقارات والمنشآت بعمل رقم قومي لكل منها بحيث تتوافر جميع المعلومات والبيانات أمام متخذي القرارات والقيادات العليا من ناحية ، وتوفر مناخا جيدا أمام أصحاب رءوس الأموال والمستثمرين بما تتيحه من معلومات عن الأنشطة التجارية والصناعية والاستثمارية من ناحية أخرى ، وبهذا نكون قد أسقطنا نظاما فاسدا من البيروقراطية والروتين .
بقلم: حسام كمال الدين
4/28/2011
ارتفع خلال أيام ثورة يناير العديد من الشعارات التي نادت بالتغيير والحرية ومحاربة الفساد الذي استشرى في المجتمع والعدالة الاجتماعية إلى آخر المطالب ، وأعادت إلينا بعض الكلمات التي حسبنا أنها صارت من التراث اللغوي ،
أو أنها غدت حبيسة كتب التاريخ واللغة ، ولكنها خرجت من جديد من رحم الثورة مثل التغيير ، التطهير ، الثورة ، محاربة الفساد ، إلا أن أكثر هذه الشعارات تردادا على ألسنة الثوار كان شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " ، الذي يتكون من جملة قصيرة في عدد كلماتها ومبناها إلا أنها لخصت الكثير من المطالب ، وحملت الكثير من المعاني في لغة عبرت عن عروبة الشعب المصري وتمسكه بلغته التي وجدها طيعة للتعبير عن آلامه وآماله .
وبالفعل تم للشعب ما أراد ، وبدأت البلاد تعود رويدا رويدا إلى حالة الاستقرار بعد زوال النظام البائد ، وبدء محاكمات رموزه الفاسدة ، وإجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية توطئة للانتخابات البرلمانية والرئاسية ، كما بدأ الأمن يعود إلى الشارع المصري من جديد وإن كان يتسم بالبطء الشديد حتى الآن مع إهمال المناطق النائية حيث مرتع البلطجية ، وقيام الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات التي تساعد على استعادة الاقتصاد المصري عافيته لينطلق من جديد على المستوى الداخلي ، والزيارات التي تقوم بها الحكومة للدول العربية والإفريقية من أجل جذب الاستثمارات وزيادة التعاون والتبادل التجاري وإعادة مصر إلى دورها العربي والإقليمي على المستوى الخارجي .
وفي إطار الإصلاح الذي ننشده جميعا لهذا البلد فإننا ينبغي أن نرفع هذا الشعار " الشعب يريد إسقاط النظام " مرة أخرى ، لكننا في هذه المرة لا نقصد بالنظام نظام الحكم السياسي ، وإنما نعني به النظام الذي تدار به كافة شئوننا، وهو القواعد واللوائح والقوانين التي تحكم العمل الإداري في كل مؤسسسات الدولة ، تلك التي أفرزت جهازا إداريا مترهلا سماته الأساسية البيروقراطية المعطلة والمجهضة لكل تقدم ، فالجهاز الإداري للدولة المصرية يشمل 6 ملايين موظف وهو عدد ضخم جدا ، وبالبرغم من ذلك هناك قصور شديد في أداء هذا الجهاز من ناحية تقديم الخدمات خاصة ما يتعلق منها بالجماهير ، هذا القصور مرده إلى سوء الإدارة وغياب التخطيط العلمي السليم والتنسيق فيما بين المؤسسات المختلفة ، حيث تعمل كل جهة منفردة بلوائحها الخاصة ، فأصبحت المؤسسات والوزارات أشبه بالجزر المنعزلة كل منها في وادٍ لا تربطه علاقة بغيره مما يؤدي بالمواطن أو طالب الخدمة إلى الدوران في دائرة لا نهاية لها عند التعامل مع أي جهة حكومية ، ويصبح فريسة وضحية لموظفين لا يؤدون حتى أبسط الأعمال المنوطة بهم ، ناهيك عن عدم تحمل المسئولية أو الأداء الابتكاري في العمل ، وقد ساعدت الحكومات السابقة المتعاقبة التي كانت تدعي أنها حكومات ذكية وتدير العمل من خلال ما يسمى بالقرية الذكية على هذا التخبط الإداري وعدم الاستفادة الحقة من هذا العدد الضخم من الموظفين لاعتمادها على أهل الثقة والمحسوبية ووضعهم على رأس الإدارات وإغفالها معايير الخبرة والكفاءة والفروق الفردية ووضع الشخص المناسب في مكانه المناسب ، كذلك إهدارها ملايين الجنيهات على تزويد الجهات الحكومية بأجهزة الحاسب الآلي دون وجود الأشخاص الأكفاء القادرين على استخدامها لإهمال عنصر التدريب، أضف إلى ما سبق غياب الخطط الموضوعة للاستفادة من استخدامات الحاسب الآلي في اختصار الوقت والجهد في أداء الأعمال والخدمات المقدمة ، فكانت المحصلة أن أصبحت تلك الأجهزة قطعا ديكورية تزدان بها مكاتب الموظفين من باب الوجاهة الاجتماعية .
لذا فإن إسقاط هذا النظام الإداري العقيم في كل قطاعات الدولة أصبح أمرا ملحا وضروريا لا يقل في أهميته عن إسقاط النظام السياسي ، لأن النظام الإداري السليم هو الأساس الذي تقوم عليه عملية التطوير والتنمية في عصر تكنولوجيا المعلومات ، حيث ما زالت الإدارات الحكومية في مصرنا وقد ولجنا إلى الألفية الثالثة تعتمد على العمل الورقي والتسجيل الدفتري الذي يستهلك جهدا ووقتا مضاعفين ، بالإضافة إلى العراقيل الكثيرة التي يضعها الموظفون أمام طالبي الخدمة إما لعدم دراية بشئون العمل المكلفين به لنقص التدريب ، وإما بسبب تفشي الفساد والرشوة بين بعضهم ، والإصلاح نرى أنه يمكن أن يبدأ من خلال مشروع الرقم القومي ، وهو مشروع هام لكن لم تتم الاستفادة المثلى منه حتى الآن ، حيث يمكن أن يكون القاعدة لإرساء نظام إداري شامل من خلال ربط جميع مؤسسات الدولة بقاعدة بيانات تشمل جميع المواطنين ، ويتم عن طريقها تقديم كافة الخدمات لطالبيها على أن تحتوي هذه القاعدة كل البيانات المتعلقة بالشخص منذ لحظة ميلاده حتى وفاته بما فيها بياناته الشخصية والعائلية والصحة والتعليم والعمل والجوازات والتموين والمرور والإسكان .. إلخ ، بحيث لا يحتاج في كل مرة يذهب لطلب خدمة إلى حمل الكثير من الأوراق والمستندات ، مما يوفر الجهد ويمنع التلاعب والتزوير ، مع الوضع في الاعتبار توفير السرية والحماية من التدخل الضار من قبل القائمين على العمل ، ونفس الحال يمكن تطبيقه على الأراضي والعقارات والمنشآت بعمل رقم قومي لكل منها بحيث تتوافر جميع المعلومات والبيانات أمام متخذي القرارات والقيادات العليا من ناحية ، وتوفر مناخا جيدا أمام أصحاب رءوس الأموال والمستثمرين بما تتيحه من معلومات عن الأنشطة التجارية والصناعية والاستثمارية من ناحية أخرى ، وبهذا نكون قد أسقطنا نظاما فاسدا من البيروقراطية والروتين .
الثلاثاء يونيو 18, 2013 2:17 pm من طرف eecfc
» توصيات الفوركس عبر الجوال
الثلاثاء يونيو 18, 2013 2:15 pm من طرف eecfc
» توصيات الفوركس عبر الجوال
الثلاثاء يونيو 18, 2013 2:13 pm من طرف eecfc
» توصيات الأسهم السعودية عبر الجوال
الثلاثاء يونيو 18, 2013 2:12 pm من طرف eecfc
» الهدوء يخيم علي مجلس الوزراء
الإثنين أبريل 30, 2012 10:47 pm من طرف مدير
» الثورة في مصر .. الي اين
الجمعة أبريل 27, 2012 7:03 pm من طرف مدير
» صحافة القاهرة تقول
الخميس نوفمبر 03, 2011 5:19 am من طرف مدير
» الاقتصاد المصري
الخميس نوفمبر 03, 2011 5:03 am من طرف مدير
» اصلاح التعليم
الخميس نوفمبر 03, 2011 4:28 am من طرف مدير